تقـرير ختم التربص كاتب محكمة
تقـرير ختم التربص
كاتب محكمة
محرر قضائي
مساعد قضائي
السيد: عبدالرؤوف بوشوشة
إلى
أبـــــي وأمـــــــــــي.....
إلى
كل من أحب .
إلى
كل " من علمني حرف
فصرت
له عبدا "
ـ
و لسان حالي يقول:
" الحمد لله و الشكر لكم "
ولا يفوتني أن أتقدم بأسمى عبارات الشكر والتقدير لكل الزملاء
بالمحكمة الابتدائية بتونس.و شكرا لكل من تعاون معي في العمل راجيا من الله أن
أكون قد وفقت طيلة فترة التربص في إنجاز كل ما أوكل لي من مهام.
تــــــــــــعد كتابة المحكمة أحد أهم أسس العمل
القضائي. ويبرز هذا الدور في الاشتراط التشريعي لوجوده كأحد عناصر العمل القضائي
يشهد بصحة الاجراءات ويحرر محاضرها. ويضطلع كتبة المحاكم بدور محوري في تنظيم عمل
المحاكم على اعتبار أنهم من يتلقون فعليا الشكايات والمحاضر والعرائض ويسهرون على
حسن مسكها وتقديمها للجهة القضائية ويضاف الى ذلك ما يقومون به من أعمال إدارية
تتمثل في تسليم الشهائد الإدارية وما يقومون به يوميا من استقبال للمتقاضين
ونوابهم لإرشادهم عن مآل قضاياهم ومدهم بما يطلبون من معلومات. وتمثل كتابة
المحكمة اعتبارا لتعدد أدوارها وتشعب أعمالها روح المحاكم وواجهتها الحقيقية. غير
أن الرؤية الكلاسيكية للمؤسسة القضائية التي تختزل القضاء في القضاة وتغيب غيرهم
من شركائهم في العمل القضائي أفضت إلى جعل كتابة المحكمة إطار تشريعي فوض جانبا هاما حينما منحه صفة
المأمور العمومي المختص في تحرير محاضر
الجلسات ، و دور جوهري وأساسي
في سير دواليب القضاء ومن الصعب على غير رجال القانون تصور وإدراك المهام الدقيقة
والمتنوعة التي يختص بها هذا العون وأن كاتب المحكمة الذي ينتمي إلى الوظيفة العمومية،
ويظهر دوره متميزا في الاضطلاع بمهمة مساعدة القاضي على حسن تسيير مرفق القضاء
ابتداء من تدوين الإجراءات وتذليل الصعوبات الإجرائية الى قضاء شؤون الناس وتأمين
ملفات القضايا وتأمين المحجوز والحجج والسندات الهامة الى حفظ أرشيف
المحكمة.ومسؤولية تحقيق العدالة لا تقع على القاضي وحده ، ولا يمكنه بمفرده القيام
بجميع ما يتطلبه سير الدعوى من إجراءات، لذلك كان لا بد من إيجاد مؤسسة تساعده في
تسييرها، وهي مؤسسة كتابة المحكمة ، وكتابة المحكمة هم مساعدي القضاء
(auxiliaires de justice) وكلمة (auxiliaires) مشتقة من كلمة(auxilium)،
بمعنى النجدة والمساعدة. ويشارك هؤلاء في تحريك الجانب الإداري لحسن سير القضاء
وذلك إما بمساعدة القاضي أو بمساعدة الأطراف ، حتى أن أحد وزراء العدل الفرنسيين
اقترح تسميتهم الشركاء في القضاء (les partenaires de
justice). هذا فضلا على أنه
بالفرنسية يسمون (greffiers) فهل ترجمتها بالعربية تعني كاتب محكمة ولو كان ذلك صحيحا لكان
سمي secrétaire du tribunal وكلمة (greffiers) تشمل الأمانة
والائتمان ، وكان الأجدر بكاتب المحكمة إن يسمى " أمين العدالة " بوصفته
مؤتمنا على أسرار المتقاضين وحافظها ضمن الملفات التي تتكدس على مكتبه
و كاتبة المحكمة في تلقيها لما يتفق عليه الأطراف تحمل عبء الشهادة بالعدل
، و لعلنا نستحضر قوله تعالى في هذا المجال تدقيقا :
بسم الله الرحمن الرحيم
" إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ
وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا
وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ ۖ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا "
صدق الله العظيم 72 الأحزاب
فكاتب المحكمة و عبر التاريخ الإسلامي
مؤسسة تتجاوز القانون
الوضعي لتجد لها أساسا في أعمال و
تسير المحاكم.
و هو ما يوجب على كاتب المحكمة أن يتحلى بقدر الإمكان بالنزاهة و
الاستقامة و التجرد و الحياد ، و كلها صفات محمودة و مفترضة في كتابة المحكمة
إنما هي واجبات محمولة عليه بوصفه مساعدا للقضاء و شريكا في العدالة و مؤتمنا على حقوق الناس.
و كانت لي فرصة سجلتها بحروف من ذهب أتاحتها لي
المحكمة الابتدائية بتونس ، لقضاء فترة تربص تكويني بدائرتين الحالة المدنية و
مصلحة الأحكام و التي إشراف على تربصي
السيدة مساعدة رئيس الكتبة السيد سامية البلطي و فتحت لي خزائنها العلمية و
المعرفية لمعرفة الإجراءات لأطلع عن كثب
عن آليات و تقنيات ووسائل أعمالها المتعلقة بمهنة كاتب المحكمة،
و باشرت تربصي بمكتبها يوم الاثنين 26 ديسمبر
2013 و تواصل إلى يومنا هذا الذي اكتب فيه
تقريري لختم التربص . ووجدت نفسي كل يوم أمارس ما أتلقاه من المؤطر ، و أجدني أرسم ملامح مهنتي في مراوحة بين ما
هو نظري و ما هو تطبيقي مكنني أكثر من فهم عدة إجراءات إتاحة لي الفرصة من ممارسة الكتابة في واقعها مدركا مالي و ما علي من واجبات و حقوق
و معايش لسير أعمال الكتابة و متشبعا بآليات التوثيق الرسمي
و
الوقوف على دقائق الأشياء دون الاكتفاء بالمعرفة النظرية فحسب ، و من خلال تربصي ،
أدركت واقع المهنة كما رسمه المشرع في أدق معانيه .
وفي
محاولة مني لتلخيص هذه التجربة الهامة من خلال هذا التقرير، سأبدأ من البداية ،
منذ تم تعيني بمصلحة الشيكات التربص إلى أن أنهيت تحرير آخر كتب حررته هناك
مرورا بما جمعني بأدوات العمل و تقنياته و آلياته و مجالاته المتعددة و ما كنت
أستحضره في كل مرة من معارف تلقيتها على يد السادة رؤساء الكتبة أجلاء وقضاة
محترمين و زملائي الأعزاء طيلة الفترة التربصية التي قضيتها .
وبناءا عليه ، سأتناول من تقريري
هذا ما تعلمته وما لاحظته من مهنة كاتب المحكمة و دوره الفعال في الجلسات في
المادة المدنية و التجارية و لعل ابرزها مصلحة الشيكات
يتميز مرجع نظر المحكمة الإبتدائية في المادة المدنية والتجارية بالشمول
والتنوّع سواء من جهة طبيعة الدّعاوى التي
تتعهد بالنظر فيها أو التركيبة التي تكون عليها عند البتّ في هذه الدعاوى، أو من
جهة ازدواجية مجال نظرها الحكمي، الأمر الذي ترتّب عنه تشعب في الإجراءات لديها
ممّا يستدعي تبسيطها وتوضيحها فمثلا .
إعلامات الشيك بدون
رصيد :
1. ترد على وكالة
الجمهورية من مختلف البنوك المسحوب عليها ومراكز الصكوك البريدية شهادات في عدم
الدفع تكون مرفوقة بمحضر إعلام بعدم خلاص شيك وإنذار بالدفع محرر بواسطة عدل منفذ.
2. يقع تضمين الشهادات بدفتر معد للغرض.
3. ينظر ممثل النيابـة
العمومية في هذه الإعلامات ويتخذ أحد القرارات التالية :
. الحفظ بموجب التسوية
في الآجال القانونية.
. إرجاع الإعلام إلى مصدره إن كان به إخلالات أو
نقائص.
. الإحالة على القاضي
المنفرد بالمحكمة.
و لعل ابرز مراجع نظر
المحكمة الإبتدائية في المادة الجناحية :
1. تنظر المحكمة الإبتدائية بتركيبتها الثلاثية ابتدائيا في سائر الجنح باستثناء ما كان منها من أنظار قاضي الناحية.
2. توصف بجنح الجرائم
المستوجبة لعقاب بالسجن تتجاوز مدته خمسة عشريوما ولا تفوق الخمسة أعوام أو
بالخطية التي تتجاوز الستين دينارا.
3. تنظر المحكمة الإبتدائية بتركيبتها الثلاثية نهائيا بوصفها محكمة استئناف في جميع الأحكام المستأنفة والصادرة عن قضاة
النواحي التابعين لدائرتها.
4. تنظر المحكمة
الإبتدائية بتركيبتها الفردية (القاضي المنفرد)إبتدائيا في الجرائم التالية و لعل
ابرزها :
جرائم الشيك بدون
رصيد
لكني رأيت مآسي الساحب وذويه عند إنعدام الرصيد
أو نقصانه (15) ومن أجل ذالك تتجه العناية
إلى دراسة الجريمة المترتبة عن عدم وجود رصيد الشيك وهي تستوجب ـ في البداية ـ
بيان المقصود بالشيك والرصيد وجريمة الشيك بدون رصيد.
إن المقصود بالشيك اصطلاحا هو إحدى صيغ الشيكات
التي يسلمها الصيرفي لصاحب الحساب الجاري به العمل بالشيك والمفتوح لديه والمنصوص
بها مسبقا على بيانات يتمّمها الساحب بما هو خاص بالشيك الذي يسلمه للحامل (16)
وتشتمل ـ عادة ـ البيانات التي يحرّرها الساحب
على ذكر:
أولا: مبلغ الشيك بالأرقام والأحرف (17)
ثانيا: هوية المستفيد أو الحامل.
ثالثا: مكان وتاريخ الشيك.
رابعا: إمضاء الساحب الذي يشترط أن يكون مطابقا
للإمضاء المودع لدى الصيرفي.
كما أقرت هذه المحكمة أن المشرّع قد إستعمل لفظة
"الشيك" بأوسع معانيها وهي تشمل الشيك المصرفي والشيك البريدي (19)
وتقتضي المجلة التجارية أن يتوفر في الرصيد
الشروط التالية:
ـ أن يكون قابلا للتصرّف بداية من تقديم الشيك
للوفاء.
ـ أن لا يكون أقلّ من مبلغ الشيك المسحوب.
ـ أن لا يكون الساحب قد إسترجع بعد إصدار الشيك
كامل الرصيد أو بعضه.
ـ أن لا يكون الساحب قد حجر على المسحوب عليه
الدفع في غير حالتي ضياعه وسرقته أو تفليس الحامل.
إن ذكر
المشرع الأسباب المانعة قانونا لوجود الرصيد فهل يعتبر بدون رصيد الشيك عندما يكون
سبب عدم الوفاء من غير الأسباب المذكورة وهل يمكن للصيرفي رفض الخلاص في غير هذه
الصور؟
لا شك في أن الشروط الواجب توفرها في الرصيد ليست
حصرية ومن الممكن أن توجد أسباب أخرى مثل العقلة التوقيفية المجراة بصفة قانونية
على الأموال المودعة أو التي ستودع لدى الصيرفي والراجعة للساحب.
إلا أن أسباب الرفض هذه تتطلب معرفة هل كان
الساحب وقت إصدار الشيك على علم أم لا بالسبب المانع للوفاء وهو أمر يتعلق بموضوع
سوء نيّة الساحب الذي يتم التعرض له في موطنه.
أما لفظ الجريمة المرتكبة عند إصدار الشيك فإن
المقصود به اصطلاحا رفض خلاص الشيك من الصيرفي المسحوب عليه.
بعد بيان المقصود بلفظ الشيك والرصيد وجريمة
الشيك بدون رصيد الذي يعتمد إجمالا في البحث عن الأدلة القانونية لوقوع الجريمة
ولثبوت أركانها نصل إلى موضوع أركان الجريمة.
أركان جريمة الشيك بد ون
رصيد
توجد
القواعد المتعلقة بأركان جريمة الشيك بدون رصيد في المجلة التجارية وفي القوانين
المنقحة لأحكامها ويتكون منها الركن الشرعي للجريمة
ومن الثابت أنه حصل لقواعد الركنين المادي
والأدبي للجريمة تنقيحات كان لها تأثير على شروط توفر كل ركن منهما لذا يتمّ
التعرض إلى هذين الركنين.
الركـن المـادي
لا شك في أن تعريف جريمة الشيك بدون رصيد سواء في
القانون (21) أو في
فقه القضاء هو تجسيم ـ على الدوام ـ للركن الأساسي الذي يثبت إرتكاب الجريمة وهو
الركن المادي باستثناء المدّة التي يشترط فيها المشرع سوء نيّة الساحب للحكم
بالإدانة والعقاب.
ومن
المعلوم أنه يقع في غير جريمة الشيك بدون رصيد إعلام النيابة العمومية بوقوع
الجريمة وتتولى الضابطة العدلية البحث الأولي و تحال أعماله على وكيل الجمهورية
وتكون موضوع إجتهاده في مآل القضية.
أما جريمة إصدار الشيك بدون رصيد فإن أركانها
كانت محلّ تحوير أدخل عليها بمقتضى القوانين التي نقحت أحكام المجلة التجارية
وضبطت في كلّ مرّة وسائل الإثبات وكيفية إعدادها.
وللتأكيد فأن مهمّة إعداد هذه الأدلة أوكلتها
المجلة التجارية والقوانين المنقحة لها على التوالي لمصالح مختلفة:
1 ـ طرق الإثبات في المجلة التجارية.
لقد ضبطت المجلة التجارية بصفة دقيقة حجة عدم
الوفاء ومكونات الركن المادي للجريمة وذلك حين أقرت بأن حامل الشيك لا يغنيه أي
عمل آخر يجريه عندما يمتنع الصيرفي المسحوب عليه من الوفاء سوى القيام بالإحتجاج.
والإحتجاج هو وسيلة إثبات عرفها الفصل 307 من
المجلة التجارية المتعلق بالكمبيالة حين أفاد أنه:
"يجب إثبات الإمتناع من القبول أو الإمتناع
من الدفع بحجة رسمية وهي عبارة عن إحتجاج بالإمتناع من القبول أو إحتجاج بالإمتناع
من الدفع"
وبما أنه لا قبول في الشيك حسب الفصل 386 من
المجلة التجارية فإنه يجب على حامل الشيك أن يثبت رفض الأداء بالإحتجاج.
وإن كان لا يحرر الإحتجاج إلا العدول المنفذين
طبقا لأحكام الفصل 318 من المجلة التجارية فإنه لا يمكن إقامته إلا بطلب من الحامل
وبمقرّ الصيرفي الذي يجب عليه دفع الشيك طبقا لأحكام الفصل 400 من المجلة التجارية
أما البيانات الوجوبية التي يشتمل عليها الإحتجاج
فهي حسب الفصل 401 من المجلة التجارية:
1) نص الشيك حرفيا
2) ما يحتوى عليه الشيك من التظهيرات
3) بيان أسباب الإمتناع من الدفع
4) عجز المسحوب عليه عن الإمضاء أو الإمتناع منه
5) مقدار ما دفع من مبلغ الشيك في حالة الوفاء
الجزئي
6) التنبيه على الساحب بدفع قيمة الشيك.
ومن الثابت أن المجلة التجارية حمّلت العدل
المنفذ واجبات عند إقامة الإحتجاج تتجسم في ما يلي:
1) التنصيص بالإحتجاج على أنه هو الذى قام
بالإحتجاج وعلى تاريخه وتوقيعه وإلا لزمه غرم الضرر.
2) الإحتفاظ لديه بنسخة مطابقة للأصل من الإحتجاج
3) تسليم كتابة المحكمة التي بدائرتها مقرّ
المدين نسختين مطابقتين للأصل من الإحتجاج أو توجيه لها بمكتوب مضمون الوصول مع
الإخطار بالتبليغ وتحال إحداها إلى النيابة العمومية.
4) يجب أن يقوم العدل المنفذ بهذا الإجراء في ظرف
خمسة عشر يوما من تحرير الإحتجاج وإلا يكون مستهدفا للعزل ويتحمل غرم الضرر وأداء
المصاريف للمتضرر (22)
والجدير بالملاحظة أن حامل الشيك بدون رصيد لا
يجبره القانون على إقامة الإحتجاج وإنما يعطيه حق إجرائه مع إعلام الساحب بعدم
الأداء وعليه فإنه لا يحصل العلم للنيابة العمومية بجريمة الشيك بدون رصيد إلاّ
متى أقدم الحامل على إقامة الإحتجاج الذي يغنيه عن التشكي.
2 ـ طرق الإثبات في القوانين المنقحة للمجلة
التجارية
ـ القانون عدد 31 لسنة 1970 وطرق الإثبات
لقد حمّل القانون31 لسنة 1970 المؤرخ في 03 جوان
193 والتعلق بإتمام وتنقيح المجلة التجارية الصيرفي المسحوب عليه شيك بدون رصيد
واجب تحرير إعلام بعدم الدفع يوقعه شخص مؤهل حسب التراتيب القانونية يوجهه في ظرف
ستة أيام من العرض إلى البنك المركزي.
كما ضبط شروطا لا بدّ أن تتوفر في الإعلام بعدم
الدفع المذكور وهي:
1) أن يتضمن لقب الساحب وإسمه ومهنته وعنوانه
ومكان وتاريخ ولادته إذا كان المصرف المسحوب عليه يعلم بذلك.
2) أن يذكر به تاريخ وعدد الشيك وعدد حساب الساحب
وحالته بتاريخ العرض.
3) ويذكر ـ عند الاقتضاء ـ الأسباب الحائلة دون
الدفع مثل إختلال الشروط الشكلية وعدم مطابقة الإمضاء والإعتراض وكل مانع من جانب
الساحب أو غيره
4) التعريف بأسباب إنعدام الرصيد أو نقصانه عندما
تكون هذه الأسباب خارجة عن إرادة الساحب.
وقد أعطى هذا القانون للبنك المركزي إمكانية
إعلام النيابة العمومية عن كل رفض لدفع الشيك لإنعدام الرصيد أو نقصانه.
والملاحظ أن التتبع الجزائي بعد أن كان لا يتمّ
إلا إذا قرّر المستفيد أو حامل الشيك إقامة الاحتجاج بواسطة عدل منفذ الذي يجبر في
هذه الحال على توجيه نسخة منه إلى وكيل الجمهورية المختصّ أصبح من الممكن إعلامه
بوقوع الجريمة بطريقة موازية لطريقة الاحتجاج والمتمثلة في إعلام النيابة العمومية
من البنك المركزي.
ويتعيّن في هذا الصدد معرفة القيمة القانونية
لكلّ من الاحتجاج ومن الشهادة بعدم الدفع المحررة من البنك المسحوب عليه والمبلغة للبنك
المركزي في إثبات وقوع الجريمة وتوفرّ ركنها المادي.
فبالنسبة للاحتجاج ونظرا لصفة المأمور القائم به
فإن شهادته على رفض أداء الشيك بعد إطلاعه على أصله ثابتة بإطلاعه على أصل الشيك
المرفوض أداءه الذي هو في حوزة حامله طالب الاحتجاج وتلقى من الصيرفي المسحوب عليه
ما يفيد رفض الأداء مع البيانات المدلى له بها ولذلك فإن وقوع الجريمة ثابت
بالاحتجاج وهو حجّة كافية لإثارة الدعوى العمومية والمحاكمة وصدور الحكم غيابا على
الساحب المتهم عند بلوغ الاستدعاء إليه قانونيا وعدم حضوره الجلسة.
أما الشهادة التي يقيمها البنك المركزي ويعلم
بواسطتها النيابة العمومية بوقوع الجريمة فإنها تفتقر لقيمة الإثبات القانونية
والسالفة الذكر ولا تكون حجّة كافية للتتبع ولصدور الحكم غيابيا على المتهم الذي
لم يحضر الجلسة رغم بلوغ الاستدعاء إليه لعدم كفاية الحجّة.
وتكون لوثيقة إعلام البنك المركزي قيمة الإخبار
الواصل لوكيل الجمهورية من سلطة وصل لعلمها ارتكاب الجريمة أثناء مباشرة الوظيفة
طبقا لأحكام الفصل 29 من مجلة الإجراءات الجزائية وعندها يكون لوكيل الجمهورية حق
ممارسة الدعوى العمومية على غرار ما يقوم به في الجرائم بصفة عامّة.
رأينا إلى هذا الحدّ أن المعنى بالإمتناع من
الأداء وبالدرجة الأولى هو حامل الشيك لأنه مجبور في هذه الحال على إقامة الإحتجاج
الذي هو بمثابة الشهادة في عدم الأداء ويترتب عنه ـ وجوبا ـ إعلام الساحب بعدم
الوفاء وإعلام النيابة
العمومية بوقوع الجريمة.
وقد أعطى القانون عدد 31 لسنة 1970 للبنك المركزي صفة لإعلام النيابة
العمومية بوقوع الجريمة ومصلحة في أن لا يقع الإعلام عن جميع حالات إصدار الشيك
بدون رصيد إلا ما يراه البنك المركزي من الضروري إعلام وكيل الجمهورية حسب تقديره
الشخصي.
ـ القانون عدد 46 لسنة 1977 وطرق الإثبات
أما القانون عدد 46 لسنة 1977 المؤرخ في 2 جويلية
1977 فإنه أحدث شهادة في عدم الأداء لها أهمية كبرى لأنها تقوم حسب هذا القانون
مقام الإحتجاج وتتضمن:
ـ نسخة حرفية للشيك والتظهيرات التي يحملها.
ـ بيان الأسباب التي حالت دون الدفع.
ـ ذكر إنعدام الرصيد أو نقصانه إذا اقتضى الأمر
ذكر الأسباب الأخرى التي قد تحول دون الدفع كالمخالفات للقواعد الشكلية (23)
أو عدم مطابقة التوقيع (للأنموذج المودع لدى الصيرفي والمعارضة وكل مانع مهما كان
نوعه صادر من الساحب أو من الغير كبيان أسباب إنعدام الرصيد إذا كانت هذه الأسباب
خارجة عن إرادة الساحب.
ويجب أن تبيّن الشهادة عنوان ومهنة الساحب ومكان
وتاريخ ولادته إذا كان من الممكن معرفتها.
ويجب أن يوقع الشهادة شخص مؤهل لذلك.
كما أوجب التنقيح الوارد بالقانون عدد 46 لسنة
1977 المذكور على محرّر الشهادة في عدم الأداء القيام بالإجراءات التالية:
1 ـ أن يوجه الشهادة في عدم الآداء في أجل ثلاثة
أيام إلى النيابة العمومية بالمحكمة الإبتدائية التي يوجد بدائرتها المصرف المسحوب عليه.
2 ـ أن يبلغ في نفس الأجل نظيرا من الشهادة في
عدم الأداء إلى الساحب بواسطة مكتوب مضمون الوصول مع الإعلام بالبلوغ وهذا النظير
يقوم مقام إنذار للساحب بالدفع ويحتوي على أمر الساحب بأداء الشيك أو توفير الرصيد
في أجل عشرة أيام وإلا وقع تتبعه عدليا.
3 ـ أن يوجه إلى البنك المركزي نظيرا آخر من
الشهادة ليتمكن من جمع التصريحات الخاصة بعوارض الدفع (24)
بعد أن تمّ التعرّض لشهادة عدم الأداء المحدثة بالقانون
عدد 46 لسنة 1997 لشروط تحريرها وأجل توجيهها إلى النيابة العمومية والساحب والبنك
المركزي فإنه لم تذكر إلى هذا الحدّ الجهة المعنية بهذه الإجراءات ولذا يبقى قائما
السؤال المتعلق بمعرفة الشخص الذي يحمله القانون المذكور واجب تحرير الشهادة
وتوجيهها لم ذكر ؟
لقد نص الفصل 410 من المجلة التجارية طبقا
لتنقيحه بالقانون المذكور على أن واجب تحرير شهادة عدم الأداء وتوجيه نظائر منها
لمن ذكر يتحمله:
أولا: كل صيرفي يعرض للأداء شيكا ظهره لأمره حريف
له قصد قبضه ويقابل بإمتناع الصيرفي المسحوب عليه الشيك من الدفع كليا أو جزئيا
لإنعدام الرصيد أو لنقصانه.
ثانيا: الصيرفي المسحوب عليه الشيك عند عرضه
للأداء من المستفيد بنفسه.
1) بخصوص الصيرفي
حامل الشيك بدون رصيد فإن في تحميله الواجب المذكور تحميل لنفس أكثر مما في وسعها.
لئن كان الزامه بتحرير شهادة يبيّن فيها ـ وجوباـ
عنوان ومهنة الساحب ومكان وتاريخ ولادته إذا كان من الممكن معرفتهما أمر معقول فإن مطالبته بتوجيه نظير من الشهادة في عدم
الأداء إلى الساحب بواسطة مكتوب مضمون الوصول مع الإعلام بالبلوغ في أجل ثلاثة
أيام من تحريرها أمر غريب إذا كان لا يعرف عنوان الساحب !
من المؤكد أن الذي يعرف عنوان الساحب هو الصيرفي
المسحوب عليه لأن الساحب حريفه له ولديه ملف الحساب المفتوح بمؤسسته أما الصيرفي
حامل الشيك بدون رصيد فإنه غير بالنسبة للساحب ولا صفة له في توجيه نظير الشهادة إليه ولا في إنذاره بالدفع وفي أمره بالأداء أو توفير الرصيد في أجل عشرة أيام
وإلا وقع تتبعه عدليا.
والملاحظ أن توفير الرصيد على فرض وقوعه يقع لدى
صيرفي غير صاحب الإنذار والأمر وهو الصيرفي المسحوب عليه الذي له علاقة تعاقدية مع
الساحب تمكنه من معاملته بالصفة
السالفة الذكر.
2) أما بالنسبة
للصيرفي الذي عرض عليه الشيك للوفاء المستفيد نفسه فإنه لا يوجد إلى تاريخ صدور
القانون عدد 46 لسنة 1977 وهو يوم 2 جويلية 1977 نصا قانونيا يلزم هذا الصيرفي
باعتباره مسحوب عليه أن ينصّ على الشيك ما يثبت العرض ويترك أثرا مكتوبا أو يحرر
شهادة في عدم الأداء وعليه فإن الجواب عن العرض يكون مشافهة مثل العرض نفسه لا
يترك الرفض أثرا مكتوبا.
والملاحظ أن التنقيح الجديد يعطي للإعلام بعدم
الدفع قوة إثبات الإحتجاج مع توجيه شهادة الدفع مباشرة إلى النيابة العمومية من
طرف البنوك نظيرا منها للبنك المركزي وهي شهادة مبتورة لا تفي بحاجة النيابة
العمومية والبنك المركزي.
ـ
القانون عدد 88 لسنة 1985 وطرق التنفيذ
لقد تدارك القانون عدد 88 لسنة 1985 المؤرخ في 11
أوت 1985 الخطأ الذي وقع فيه القانون عدد 46 لسنة 1977 ذلك بأن جعل المصرف المسحوب
عليه والذي يمتنع من الدفع كليا أو جزئيا وليس المصرف الحامل لشيك ملزما عوضا عن
المصرف الحامل للشيك(25) على أن:
1 ـ يثبت تاريخ العرض على ظهر الشيك
2 ـ
يحرّر حينا شهادة في عدم الدفع تتضمن بيانات معيّنة.
3 ـ يوجه المصرف المسحوب عليه نظيرا من تلك
الشهادة إلى البنك المركزي في أجل ثلاثة أيام عمل من تاريخ تحريرها
4 ـ يسلّم المصرف المسحوب عليه نسخة من الشهادة
للمستفيد
6 ـ يوجه المصرف المسحوب عليه إلى الساحب الذي
يعرف عنوانه بملفه بالبنك وذلك في أجل الثلاثة أيام المذكورة إعلاما بواسطة عدل
منفذ يتضمن:
أ ـ نسخة حرفية من الشهادة في عدم الدفع المذكورة
ب ـ إنذار الساحب بأن يقوم في أجل أقصاه أربعة
أيام عمل بالمؤسسات المصرفية بداية من تاريخ إبلاغه إلى شخصه أو وضعه بالمقرّ
المصرّح به للمصرف عند عدم العثور عليه دون أي إجراء آخر بدفع مبلغ الشيك إلى
المستفيد مباشرة وفي هذه الصورة يتحتم الآداء للمصرف المسحوب عليه بكتب معرف
بالإمضاء أو محرّر من مأمور عمومي قبل مضي أجل التسوية أو توفير الرصيد بالمصرف
المسحوب عليه ودفع خطية في كلّ الحالات
(27) لهذا المصرف مساوية لخمسة عشرة في المائة من
المبلغ الكامل للشيك أو للنقص دون أن تقلّ عن عشرين دينارا وع مصاريف محضر الإعلام
وإلا جرى تتبعه عدليا وأن عليه الإمساك من إستعمال صيغ الشيكات التي بيده بداية من
تاريخ إبلاغ الإعلام إليه(28)
هذا وأن مصاريف الإعلام يسبقها المصرف المسحوب
عليه ويقبضها من الساحب الذي يتحملها.
ويعلم المصرف المسحوب عليه البنك المركزي بوقوع
التسوية
7 ـ على المصرف المسحوب عليه أن يوجه ثلاثة أيام
من إنقضاء أجل التسوية إلى النيابة العمومية لدى المحكمة الإبتدائية الكائنة
بمقرّه ملفا يشتمل على:
أ ـ شهادة عدم الدفع
ب ـ محضر الإعلام المتضمن للإنذار
ت ـ ذكر ما يثبت التسوية من عدمها
ث ـ نسخة من البيانات المتعلقة بالساحب وبالشيك
والتظهيرات وتاريخ
العرض وانعدام الرصيد.
وبذلك أصبح يحصل العلم للنيابة العمومية بإرتكاب
جريمة إصدار شيك بدون رصيد عن طريق المصرف المسحوب عليه الشيك وهي قناة الإعلام
الرئيسية.
أما القناة الإستثنائية فهي الصورة التي أبقت
للإحتجاج قيمة إثبات عدم الدفع وللعدل المنفذ مهمة القيام بالإحتجاج وما ينجرّ عنه
وهي الصورة التي يمتنع فيها المصرف المسحوب عليه من تحرير شهادة في عدم خلاص الشيك
أو يمسك عن توجيه الإعلام للساحب عندها يمكن للمستفيد اللجوء في مثل ـ هذه الحال ـ
إلى الإحتجاج بمقرّ المصرف المسحوب عليه.
وعلى العدل المنفذ المحرّر للإحتجاج أن يوجه في
أجل ثلاثة أيام من تاريخ تحرير الإحتجاج:
1 ـ إعلاما للساحب والإ يكون محلّ مؤاخذة شديدة
وهي العزل وغرم الضرر وأداء المصاريف للمتضرر.
ويجب أن يتضمن الإعلام الموجه للساحب من العدل
المنفذ نقلا حرفيا للشيك والتظهيرات وبيانا لتاريخ العرض وإنعدام الرصيد أو نقصانه
أو عدم قابليته للتصرف والأسباب الأخرى التي حالت دون الدفع عند الإقتضاء.
ويجب أن يتضمن إنذار الساحب بأن عليه أن بدفع
الشيك في أجل أقصاه أربعة أيام عمل بالمؤسسات المصرفية بداية من تاريخ إبلاغ
الإعلام إلى شخصه أو وضعه بمقره المصرّح به للمصرف عند عدم العثور عليه دون أي
إجراء آخر.
2 ـ كما يجب على العدل المنفذ أن يوجه في أجل ثلاثة
أيام من تاريخ الإعلام نسخة من الإحتجاج في عدم الدفع ونسخة من الإعلام إلى:
ـ النيابة العمومية
ـ والبنك المركزي
ـ القانون عدد28
لسنة 1996 وطرق الإثبات
لقد حمّل القانون عدد 28 لسنة 1996 المؤرخ في 03
أفريل 1996 المصرف المسحوب عليه شيك بدون رصيد واجب دعوة الساحب في نفس اليوم
بواسطة برقية أو تلكس أو فاكس أو بأية وسيلة أخرى شبيهة تترك أثرا كتابيا إلى
توفير الرصيد بحسابه أو جعله قابلا للتصرف فيه وذلك في أجل أقصاه ثلاثة أيام عمل
مصرفية من تاريخ الإمتناع عن الدفع.
يحرّر وجوبا خلال يوم العمل المصرفي الموالي
لإنقضاء أجل الدعوة المذكور المصرف المسحوب عليه الشيك عند عدم إستجابة الساحب
للدعوى المذكورة شهادة في عدم الدفع ويقوم بالإجراءات السابق ذكرها.
أما
إعلام الساحب بواسطة العدل المنفذ أصبح أجل تبليغه أربعة أيام عوضا عن ثلاثة أيام.
ويوجه الصيرفي المسحوب عليه الملف إلى النيابة
العمومية في نفس الأجل.
ـ
القانون عدد 37 لسنة 2007 وطرق الإثبات
لقد إستثنى القانون عدد 37 لسنة 2007 المؤرخ في
04 جوان 2007 من قاعدة لزوم القيام بالإحتجاج في الحالات المتعلقة بإصدار الشيك
بدون رصيد (29) التي أحدثها القانون
السابق عدد 22 لسنة 1966 عند تنقيحه بالفصل 411 ثالثا من المجلة التجارية والتي تمّ
التعرض لها في هذا الموطن.
ولذلك أصبح يتوفر الركن المادي للجريمة بطريقة
إقامة الشهادة في عدم الأداء التي يحررها المصرف المسحوب عليه عند إمتناعه من
الأداء وبطريقة إعلام الساحب بواسطة عدل منفذ يوجهه له المصرف المذكور.
وهكذا فبعد أن كان إرتكاب جريمة الشيك بدون رصيد
يثبت ماديا بالإحتجاج أو بشهادة عدم الأداء وإعلام الساحب فقد مكنت بعض القوانين
ساحب الشيك بدون رصيد من تسوية وضعيته بتكليف يطلق عليه لفظ التسوية له تأثير عن
الجريمة وعلى توفر ركنها الأساسي.
التسوية:
إن المقصود
بالتسوية هي واجبات يفرضها القانون على ساحب الشيك بدون رصيد يقوم بها في أجل
معيّن حتى لا يتعرض للمؤاخذة الجزائية وتتمثل في خلاص الشيك مع فائض وخطية بنسبة
مائوية من قيمة الشيك مع المصاريف ويقع تتبعه إذا لم يقم بهذه الواجبات.
وهكذا أصبحت الوسائل الأساسيـة التي تثبت إرتكاب
الجريمة هي:
1 ـ شهادة عدم الأداء
2 ـ إعلام الساحب بإنعدام الرصيد كليا أو جزئيا
3 ـ شهادة في عدم التسوية التي أضافتها القوانين
المنقحة للمجلة التجارية.
ومعلوم أن المجلة
التجارية أقرت وقت صدورها
إجراء الإحتجاج الذي يقوم به العدل المنفذ بطلب من حامل الشيك والذي يثبت الإمتناع
من الدفع وهو بمثابة الشهادة في عدم الأداء.
والملاحظ أن نسخة الإحتجاج الموجهة للساحب تشتمل
التنبيه عليه بدفع قيمة الشيك.
كما أن المقصود بهذا
التنبيه ليس إعلام الساحب بأن الجريمة لا تتوفر أركانها إلا إذا قام بالأداء
الماذون به لأن إرتكابها يتم بمجرّد عرض الشيك على المصرف المسحوب عليه وإمتناعه
من الآداء لإنعدام الرصيد كليا أو جزئيا.
لم يبق لهذا التنبيه فائدة فيما يخص توفر أركان
الجريمة سوى أن الإستجابة لتوفير الرصيد أو خلاص المستفيد
مباشرة تكون من أسباب تخفيف العقاب
وهكذا فإن أحكام المجلة التجارية لا تتفق مع
التسوية إعتبارا للمبدإ الذي أقرته والقاضي بأنه لا يجوز منح أي إمهال على وجه
الفضل (30) إلا إذ حال دون عرض الشيك
أو إقامة الإحتجاج في الآجال المقرّة حائل لأمر له وجود نصّ قانوني أو غير ذلك في
ظروف القوة القاهرة فإن الآجال تمدّد في هذه الصورة (31)
وبداية من صدور القانون عدد 46 لسنة 1977 المؤرخ
في 2 جويلية 1977 فإن الصيرفي الذي يعرض للأداء شيكا ظهره لأمره حريف له قصد قبضه
ويقابل بإمتناع الصيرفي المسحوب عليه من الدفع كليا أو جزئيا لإنعدام أو نقصان
الرصيد يكون مجبورا على تحرير شهادة في عدم الأداء يوجه نظيرا منها في أجل ثلاثة
أيام إلى الساحب بواسطة مكتوب مضمون الوصول مع الإعلام بالبلوغ وتقوم هذه الشهادة
مقام الإحتجاج الذي يقيمه العدل المنفذ.
من الثابت أن هذا المصرف لا يوجد به حساب مفتوح باسم الساحب ولذا فإنه لا يمكن للمسؤول عن هذا المصرف توجيه شهادة عدم الأداء لأنه يجهل كل البيانات المتعلقة بها وخاصة
عنوان الساحب الذي يجب أن يوجه له نظيرا
من شهادة عدم الأداء ويأمره فيه
بأداء الشيك أو توفير الرصيد (32)
ورغم أن هذا القانون هو بداية مسلسل التسوية فإنه
لم يستعمل هذه اللفظة معتبرا أن توقيف التتبعات يتمّ إذا أثبت الساحب أنه تولى في
أجل العشرة أيام من تاريخ الشهادة في عدم الأداء
1 ـ خلاص الشيك أو توفير رصيد كاف
2 ـ دفع الخطية القانونية(33) المساوية لعشرة في المائة من المبلغ الكامل
للشيك في حالة إنعدام الرصيد ومن المبلغ الناقص من الرصيد في حالة إنعدام الرصيد
ومن المبلغ الناقص من الرصيد في حالة نقصانه ولا يمكن أن يكون مبلغ الخطية في
الحالتين أقل من عشرين دينارا يقبضها ساحب الشيك بدون رصيد أما الصيرفي العارض
للأداء أو الصيرفي المسحوب عليه حسب الحالة.
ويتضح من هذا التنقيح أن الجريمة ترتكب قانونا
بمجرد إمتناع المصرف المسحوب عليه من أداء الشيك وإن إثارة الدعوى العمومية لا
يعطلها أجل العشرة أيام الممنوح للساحب.
القانون عدد 82 لسنة 1985 المؤرخ في 11 أوت 1985
لقد نقص هذا القانون في أجل التسوية من عشرة أيام
إلى أربعة أيام عمل وزاد في نسبة الخطية من عشرة في المائة إلى خمسة عشر في المائة
دون أن تقلّ عن عشرين دينارا.
كما حمل هذا القانون واجب تحرير الشهادة في عدم
الدفع للمصرف المسحوب عليه الشيك بدون رصيد كتابة تاريخ العرض بظهر الشيك وإنذار
الساحب بواسطة عدل منفذ وضمن الإعلام بدفع مبلغ الشيك إلى المستفيد أو توفير
الرصيد بالمصرف المسحوب عليه ودفع الخطية لهذا الأخير.
والملاحظ أنه خلافا للمقتضيات التي تمّ إلغاؤها
بهذا التنقيح أن أجل التسوية يعطل إثارة الدعوى العمومية لأن الملف الموجه للنيابة
العمومي يشتمل على شهادة عدم الدفع ومحضر الإعلام المتضمن للإنذار وما يثبت
التسوية من عدمها ونسخة من البيانات المتعلقة بالساحب وإن التسوية تنقرض بمقتضاها
الدعوى العمومية.
و إن لم يتعرّض القانون لوسيلة إثبات إنقراض
الدعوى العمومية بموجب التسوية فإن المبادئ العامة للإجراءات الجزائية يقضي بأن
يحال ملف جريمة إصدار الشيك بدون رصيد على المحكمة المختصة ولو وقعت التسوية لأن
المحكمة هي التي لها صلوحية الحكم بإنقراض الدعوى للسبب المذكور.
القانون عدد 100 لسنة 1988 المؤرخ في 10 أوت 1988
لقد أعطى هذا القانون لساحب الشيك بدون رصيد فرصة
ثانية لتحقيق إنقراض الدعوى العمومية وذلك عندما مكّنه ـ في صورة عدم حصول التسوية
ـ إبتداء من يوم إنتهاء التسوية وقبل تاريخ أول جلسة لدى المحكمة ودون تجاوز مدّة
شهر من يوم إنتهاء الأجل المذكور بدفع خطية لفائدة الدولة بالمصرف المسحوب عليه
تساوي خمسين في المائة من قيمة الشيك أو تدفع تلك النسبة من باقي قيمته ولا يمكن
أن يقل مبلغ الخطية عن ثلاثين دينارا
إن التسوية المقترحة من القانون المذكور على
الساحب غريبة من كل النواحي
لقد سبق للقانون المنقح لأحكام المجلة التجارية
قبل القانون الحالي أن منح الساحب أجلا أقصاه أربعة أيام عمل ليدفع مبلغ الشيك أو
باقي الرصيد مع خطية مساوية لخمسة عشرة في المائة ولم يفعل.
ثمّ يمكنه القانون الجديد من أجل آخر لا تتجاوز
مدّته القصوى في كلّ الحالات شهرا واحدا ليدفع خطية قدرها خمسون بالمائة من قيمة
الشيك أو من باقي قيمة الرصيد دون أن يقل مبلغها عن ثلاثين دينارا والمصاريف كل
ذلك توصلا إلى إنقراض الدعوى العامة
إن هذا الإجراء غريب من كل النواحي
إن أهمّ الأسباب التي
حالت دون تحقيق التسوية في المرّة الأولى هو عجز الساحب الذي ثبت بعدم أداء قيمة الشيك وقت الإدلاء به للوفاء ثمّ تأكد هذا العجز حين لم يتم إزدادت الأداءات من أجل الزيادة في قيمة الدين بنسبة خمسة عشرة في المائة والمصاريف.
وكان من المؤمل أن يكون العرض الموجه للساحب في
المرّة الأخيرة منحصرا في أداء الدين مع تخفيض بنسبة يرضى بها حامل الشيك وبدون خطية ومصاريف فإذا بالطلب يتعلق هذه المرّة بخلاص الشيك وخطية قدرها خمسون في
المائة من قيمة الدين والمصاريف (34)
إن كانت الخطية عقابا ماليا يسلط على الجاني بعد
إرتكاب الجريمة ومن أجلها فلا يمكن أن تكون الخطية سببا تنقرض به الدعوى العمومية
ولا يعاقب الجاني رغم ثبوت جريمته لأن الخزينة إستفادت بمقابل ذلك.
القانون عدد 28 لسنة 1996 المؤرخ في 03 أفريل
1996
أوجب هذا القانون على المصرف المسحوب عليه عند
الامتناع من الدفع أن يدعو الساحب يوم العرض بوسيلة تترك أثرا كتابيا إلى توفير
الرصيد بحسابه في أجل أقصاه ثلاثة أيام و يوجه إليه عدل منفذ لينذره بأن يقوم خلال
أربعة أيام عمل من تاريخ الإعلام بخلاص الشيك والمصاريف علما وأن العدل المنفذ منح
هو الآخر أجلا قدره
أربعة أيام من تاريخ إتصاله بالإعلام لتبليغه للساحب
وقد مكن هذا القانون الساحب من إمكانية ثانية عند
عدم حصول التسوية وهي دفع مبلغ الشيك أو باقي قيمته وفائض بنسبة سبعة عشر بالمائة
وخطية تساوي عشرين بالمائة والمصاريف لكي تنقرض الدعوى العمومية بموجب هذا الإجراء
الذي يتمّ خلال ثلاثة أشهر بداية من
إنتهاء أجل التسوية وقبل تاريخ صدور الحكم
إن تمّ التنقيص من نسبة الخطية في هذا القانون
فإنه لم ينس الدائن ومكنه من فائض يتسبب في عدم الوفاء لأنه فأحش وكثيرا ما يكون
حامل الشيك في حاجة إ والجدير بالملاحظة أنه تبعا لما سبق ذكره فإن جريمة إصدار
شيك بدون رصيد تثبت بثبوت ركنها المادي إلاّ في المدة التي اشترط فيها المشرع ثبوت
سوء نيّة الساحب لعقابه وبذلك ـ إستعادت بصفة صريحة ـ جريمة الشيك بدون رصيد ركنها
المعنوي بالإضافة إلى ركنها المادي.
الركن المعنوي لجريمة الشيك بدون رصيد
من المعلوم أن الركن المعنوي لجريمة الشيك بدون
رصيد لا يقصد به إلحاق الضرر بالمستفيد أو الحامل وإنما علم الساحب بعدم وجود
الرصيد أو عدم كفايته وقت سحب الشيك وهو يتجسم أساسا في سوء نيّة الساحب.
إن موضوع حسن نية من يسحب شيكا بدون رصيد وسوء
نيته لم تتعرض له المجلة التجارية وقت صدورها بصفة صريحة.
وبصدور القانون عدد 31 لسنة 1970 المؤرخ في 07
جويلية 1970 أصبح الفصل 411 من المجلة التجارية لا يعاقب كل من أصدر شيكا بدون
رصيد إلا إذا كان بسوء نيّة.
أما القانون عدد 46 لسنة 1977 المؤرخ في 02
جويلية 1977 فإنه بالتنقيح الذي أدخله على الفصل 411 من المجلة التجارية رجعت به
الحال لما كانت عليه وقت صدور المجلة.
ولم تتيسر معرفة الموقف الرسمي من هذا الموضوع
إلا من خلال الأعمال التحضيرية والمداولات المتعلقة بالقانونين المذكورين (35)
ويبدو بخصوص هذا الموقف أنه غير متفق مع نصوص
المجلة المتعلقة بهذا الموضوع وقت صدورها لذا يتمّ التعرّض:
1 ـ الركن المعنوي للجريمة في المجلة التجارية
2 ـ الركن المعنوي للجريمة في القوانين المنقحة
لأحكام المجلة التجارية.
والجدير بالملاحظة أنه تبعا لما سبق ذكره فإن
جريمة إصدار شيك بدون رصيد تثبت بثبوت ركنها المادي إلاّ في المدة التي اشترط فيها
المشرع ثبوت سوء نيّة الساحب لعقابه وبذلك ـ إستعادت بصفة صريحة ـ جريمة الشيك
بدون رصيد ركنها المعنوي بالإضافة إلى ركنها المادي.
الركن المعنوي في المجلة التجارية
لا يوجد في أحكام الشيك بالمجلة التجارية ما
يتعارض مع إعتبار الشيك المسحوب بدون رصيد شيكا صحيحا يعرّض ساحبه للعقاب التالي:
1 ـ إن كان الساحب على سحن نية وقت إصدار الشيك
بدون رصيد فإن عقابه هو الخطية وقدرها ستة في المائة من مبلغ الشيك (36) وإذا كان مبلغ الرصيد أقل
من قيمة الشيك فإن الخطية لا يمكن أن تتجاوز الفرق بين مبلغ الرصيد وقيمة
الشيك.
ولا يجوز أن تكون أقل من دينار واحد طبقا لأحكام
الفقرتين الثانية والثالثة من الفصل 409 من المجلة التجارية وقت صدورها.
2 ـ إن كان الساحب على سوء نية وقت إصدار الشيك
بدون رصيد فإنه يستوجب نفس العقوبات المقرّرة للإحتيال والمنصوص عليها بالفصل 291
من القانون الجنائي بدون أن تكون الخطية أقل من مبلغ الشيك أو من باقي قيمته طبقا
لأحكام الفقرة الأولى والثانية من الفصل 411 من المجلة التجارية وقت صدورها.
وزيادة عن وجود السند القوي لهذا الرأي في
القانون (37) فإنه يوجد ما يعزّزه ضمنيا ويجعله مستساغا
ومنسجما مع الأحكام العامة الجزائية للشيك في المجلة رغم إقتضاب النصوص وتضاربها.
عندما ينصّ الفصل 411 من المجلة التجارية وقت
صدورها على أن:
" كل من أصدر شيكا ليس له رصيد يستوجب نفس
العقوبات المقرّرة للإحتيال والمنصوص عليها بالفصل 291 من القانون الجزائي بدون أن
تكون الخطية أقل من مبلغ الشيك أو من باقي قيمته."
فإن هذا النص يفيد بصفة لا لبس فيها أن الأصل في
ساحب الشيك أنه على حسن نيّة طبقا للقواعد العامة والجزائية (38) للشيك ولو كان بدون رصيد.
أما عند ثبوت سوء نية ساحب الشيك بدون رصيد فإنه
يستوجب العقوبات المقرّرة لمن تحيّل والمنصوص عليها بالفصل 291 من المجلة الجزائية (39)
وهكذا فان المشرع حين وضع الأحكام الجزائية
المتعلقة بالشيك في المجلة التجارية ولم ينصّ عليها في المجلة الجزائية فإنه قصد
بذلك إخراجها عن الإطار الجزائي العام لأنها قواعد خاصة نظرا لعلاقتها بالميدان
المالي والإقتصادي.
وبخصوص عقاب ساحب الشيك بدون رصيد فإنه عندما
يستوجب نفس عقوبات الإحتيال فذلك لأن سوء نيته يجعله متحيلا لذلك يسلط عليه العقاب
المنصوص عليه بالمجلة الجزائية وهذا يفيد أن من سحب شيكا بدون رصيد عن سوء نية لا
فرق بينه وبين المتحيل المعقاب بالفصل 291 من المجلة الجزائية.
والدليل الآخر يوجد في نصّ الفصل 411 من المجلة
التجارية وقت صدورها وفي فقرته الأولى وهو:
"يستوجب نفس العقوبات المقرّرة للإحتيال
والمنصوص عليها بالفصل 291 من القانون الجزائي بدون أن تكون الخطية أقل من مبلغ
الشيك أو من باقي قيمته
وفي فقرته الثالثة:
"كل من قبل عمدا تسلم شيك صادر في الأحوال
المشار إليها بالفقرة السابقة مع علمه بذلك"
لا يمكن بحال أن يعاقب الإنسان من أجل جريمة قبول
تسلم شيك عمدا مع علمه بأنه بدون رصيد إلا إذا سبق ثبوت إدانة الساحب بأنه كان على
علم بانعدام الرصيد و لم يكن له لدى الصيرفي المسحوب عليه الشيك رصيد قابل للتصرف
فيه وقت إصدار الشيك.
إن ثبوت تعمّد المستفيد على قبول تسلم شيك بدون
رصيد يثبت من باب أولى وأحرى أن ساحب الشيك قد تعمّد إصداره وليس له رصيد أي أنه
كان على سوء نية
ويعاقب الساحب بصفته فاعل أصلي في حين يعاقب
المستفيد سيئ النية بصفة شريك.
وعليه فإن هذه الصورة تظهر بجلاء وجوب البحث عن
سوء نيّة الساحب ـ في هذه الحال على الأقل ـ وهو أمر لا يبرّر عقاب الساحب بصفة
آلية بالعقاب المنصوص عليه بالفصل 411 من المجلة التجارية بمجرد أن يصدر شيكا بدون
رصيد دون البحث عن سوء نيّته.
هذا وان تحيل من قبل عمدا تسلّم شيكا بدون رصيد
مع علمه بذلك يتجسم بالخصوص في الحالات التالية:
ـ عندما يظهّر المستفيد الشيك لفائدة حامل فإنه
يسلّم دون ريب ولا شك للمظّهر له حسن النيّة شيكا وهو يعلم مسبقا أنه بدون رصيد.
ـ عندما يعرض الشيك للأداء المستفيد نفسه على
الصيرفي المسحوب عليه وهو يعلم عدم وجود الرصيد ورفض الأداء فإنه يكون بذلك قصد
الأضرار بالساحب ويجعله مستوجبا لعقوبات جريمة الشيك بدون رصيد.
تلك إذا هي الأسانيد القانونية الصريحة والضمنية
التي تفيد بصفة واضحة أن ساحب الشيك تستوجب العقاب بخطية قدرها ستة في المائة من
مبلغ الشيك إذا كان حسن النيّة وبعقاب التحيّل إذا كان سيء النيّة.
ورغم وجاهة هذا الرأي فإنه لا يوجد له أثر في
التطبيق ـ حسب علمي ـ منذ صدور المجلة التجارية سنة 1959 إلى صدور القانون 31
المؤرخ في 03 جويلية 1970.
علما وأن النصّ القاضي بعقاب من أصدر شيكا بدون
رصيد بخطية قدرها ستة في المائة من مبلغ الشيك لم يقع إلغاؤه إلا بالقانون عدد 42
لسنة 1985 المؤرخ في 11 أوت 1985
الركن المعنوي والقوانين المنقحة لأحكام المجلة التجارية
1 ـ الركن المعنوي والقانون عدد 31 لسنة 1970
لقد نقح القانون عدد 31 لسنة 1970 المؤرخ في 07
جويلية 1970 الفقرة الثانية من الفصل 411 من المجلة التجارية وأصبح نصها يقضي بأن
يعاقب بعقوبات التحيل المنصوص عليها بالفصل 291 من المجلة الجزائية:
"كل من أصدر بسوء نية شيكا ليس له رصيد سابق
قابل للتصرف فيه أو كان الرصيد أقل من مبلغ الشيك أو إسترجع بعد إصدار الشيك كامل
الرصيد أو بعضه أو حجر على المسحوب عليه الدفع في غير الصور المنصوص بالفصل 374 من
المجلة وهي حالتي ضياع الشيك وسرقته أو تفليس الحامل"
وبما أن نص الفصل 409 من المجلة الذي يقضي بعقاب
من أصدر شيكا بدون رصيد بخطية قدرها ستة في المائة من مبلغ الشيك لم يقع إلغاؤه
ولذا فإنه ينطبق على كل من أصدر بحسن نية شيكا ليس له رصيد...
وقد أفاد ممثل الحكومة صاحبة مشروع تنقيح (40) المجلة التجارية بالقانون عدد 71 لسنة 1970 جوابا
على أسئلة النواب أن:
" كل شخص يصدر شيكا كأنه أصدر ورقة مالية
لذا ينبغي أن تكون هاته الورقة قابلة للدفع وبناء على ذلك فإن كل من أصدر شيكا
بدون رصيد أو كان رصيده غير كاف يحمل على سوء نية.... ونحن أردنا أن نخفف
نوعا ما من هذه الوطأة وأدخلنا معنى حسن النية.
والملاحظ أن هذا الجواب يدلّ على هشاشة الإقتناع
بضرورة إثبات سوء نية ساحب الشك بدون رصيد لكي يعاقاب وهو أمر أكده التنقيح الواقع
بالقانون عدد 46 لسنة 1977.
2 ـ الركن
المعنوي والقانون عدد 64 لسنة 1977
لقد ألغى القانون عدد 64 لسنة 1977 المؤرخ في 2
جويلية 1977 الفقرة الثانية من الفصل 411 من المجلة التجارية والتي تنصّ على انه
يستوجب نفس العقوبات المقرّرة لجريمة الإحتيال من أصدر بسوء نية شيكا بدون رصيد
سابق وأصبحت تنص بعد التنقيح على أنه يعاقب بعقوبات الإحتيال كل من أصدر شيكا ليس
له رصيد سابق.
وبهذا التنقيح رجعت الحال بالنسبة لموضوع سوء نية
الساحب وحسن نيته إلى ما كانت عليه قبل التنقيح الوارد بالقانون عدد 31 لسنة 1970
المؤرخ في 03 جويلية 1970
وتفيد الأعمال التحضيرية للقانون 64 لسنة 1977 (41) أن لجنة التشريع العام بمجلس النواب بعد أن طلبت
من الحكومة إستيضاحا ورد عليها
جوابا يفيد أن: "الركن الأدبي لجريمة تعمّد تسليم شيك بدون رصيد يكون واضحا
إذا تقاعس المتهم أو عجز عن تزويد حسابه في هذا الأجل المناسب (علما وأن مشروع
القانون يمنح للساحب أجلا قدره عشرة أيام لتكوين الرصيد) وعندها يتضح التعمد مع
سوء النية عند إمضاء الشيك وتسليمه فتقوم عندئذ أركان الجريمة ضدّه"
وتأكد هذا الرأي في الجواب عن الإستيضاح الثاني:
"إذا مضى أجل العشرة أيام ولم يسدّد فيه
المبلغ الذي قدم في شأنه الشيك يعتبر صاحبه عن سوء نية وتكون العقوبة صارمة وليس
للمحكمة إعتماد أحكام الفصل 53 من المجلة الجزائية (42)
وقد برّر ممثل الحكومة في ردّه على أسئلة النواب
قائلا: بالنسبة لنا رأينا وقد تحدثنا الإحصائيات وأن الشيك بدون رصيد في تكاثر وأن
المواطن غير شاعر بأهمية الشيك ويستهتر به وقد لاحظنا هذا.......
" ورأينا أيضا أنه بالنسبة للمحاكم فإن ركن
سوء النية وحسن النية ربما يجعل القاضي في حيرة للوقوف على إثبات ذلك وعلى النيابة
العمومية أن تقوم بإثبات ذلك لأنها هي الطالب والحجة على من إدعى ولذا فإنها
مجبورة على إثبات النية الأثيمة المنصرفة إلى التحيل لأن إصدار الشيك بدون رصيد له
أركان التحيل وهو متحيل حقيقة ولذا رأت الحكومة إعطاء المواطن هذه المدة المعينة
أي أجل على وجه الفضل مدّته عشرة أيام..." لتوضيح موقف المواطن فإن كان على
سوء نية أي كان يعتقد عند إصداره الشيك أنه عاجز على تبرئة ذمته حتى ولو بعد عشرة
أيام فإن سوء النية والتعمد هنا واضح...
فإن هذه الأيام العشرة هي لصالح العدل إثباتا
لسوء النية لكن إن قام المواطن بخلاص هذا المقدار نتيجة لوجود خطإ في تسهيل التعامل
أو أن البنك في خلاف مع حريفه أو أن المواطن الموظف الذي كان يعتقد أن له مالا
وظهر عكس ذلك أو أنه سحب عدّة صكوك وإذا به قد أخطأ نتيجة النسيان فأعطيناه أجل
عشرة أيام فإذا كان حقا على حسن نية ما عليه إلا أن يزود حسابه وينتهي الأمر (43)
" لذلك وقع حذف سوء النية من غير شك لأن هذه
الحالة أصبحت واضحة وقائمة وعند الإحالة ليس للمحكمة النظر في سوء أو حسن النية
وليس على النيابة العمومية إثبات سوء النية والتعمد لأن الركن الأدبي متوفر هنا
وعلى المحكمة التصريح بالإدانة"
وعلى الحاكم أن يحترم التشريع وإلا إنتصب مشرعا
ولذا أصبحت المحكمة مقيدة بالنسبة للأدلة ولتطبيق القانون"
هذا إذن المفهوم الرسمي لسوء النية بالنسبة لساحب
الشيك بدون رصيد وقد تعزّز بالتنقيح الواقع لأحكام المجلة التجارية بالقانون عدد
82 لسنة 1985
3 ـ الركن المعنوي والقانون عدد 82 لسنة 1985
لقد أنهى القانون عدد 82 لسنة 1985 المؤرخ في 11
أوت 1985 وجود السند القانوني في المجلة التجارية المتعلق بعقاب من أصدر بحسن نية
شيكا بدون رصيد وعقاب من أصدر بسوء نية شيكا بدون رصيد وذلك حين ألغي الفصل 409 من
المجلة التجارية المتعلقة بمخالفات أحكام الشيك وعقابها وعوضه بفصل جديد حذفت منه
الفقرتان الثالثة والرابعة
(44) وعوضتهما بفقرة ثالثة
وأخيرة ونصّها:
" كل هذا بقطع النظر عن العقوبات الأخرى
الواجب تسليطها طبقا للفصل 411 وما بعد من هذه المجلة "
وتأكد بهذا التغيير الرأي القاضي بعقاب كل من
أصدر شيكا بدون رصيد بالسجن والخطية دون بحث عن سوء نيّته لأنه محمول عليها أصلا
الأمر الذي جعل إرتكاب جريمة إصدار شيك بدون رصيد يثبت بمجرد ثبوت الركن المادي
لأن الركن المعنوي ثابت أصلا في الساحب وهو على سوء نيّة عند عدم الوفاء وعلى الدوام.
و امام آلاف من قضايا الشيكات بدون رصيد ما تزال عالقة
في أروقة المحاكم التونسية،
وهذه القضايا تعتبر واحدة من أكثر الجرائم المالية شيوعا في مجتمعنا وإلى جانب ما تمثله من تهديد واضح للاقتصاد الوطني فإن آلاف العائلات تعاني من صعوبات اجتماعية.
فمن عجز عن الإيفاء بالتزاماته المالية وخلاص الشيك فمصيره إما السجن أو الهروب إلى إحدى البلدان خوفا من قضاء سنوات طويلة وراء القضبان
وهذه القضايا تعتبر واحدة من أكثر الجرائم المالية شيوعا في مجتمعنا وإلى جانب ما تمثله من تهديد واضح للاقتصاد الوطني فإن آلاف العائلات تعاني من صعوبات اجتماعية.
فمن عجز عن الإيفاء بالتزاماته المالية وخلاص الشيك فمصيره إما السجن أو الهروب إلى إحدى البلدان خوفا من قضاء سنوات طويلة وراء القضبان
واعتبارا
لأهمية الموضوع على المستوى الاقتصادي والاجتماعي أصدرت مؤخرا وزارة العدل توضيحا
حول مرسوم العفو العام في جريمة إصدار شيك بدون رصيد أكدت فيه أن الإجراء يهم
المحكوم عليهم أو الذين كانوا محل تتبع قضائي من أجل إصدار شيك بدون رصيد أو اعترض
على خلاص شيك في غير الصور المنصوص عليها بالقانون قبل اندلاع الثورة، علما وأن
العفو العام لا يمس بحقوق المتضررين ولا يشمل مصاريف التتبع من طرف البنوك ومن شأن
هذا العفو إتاحة الفرصة للأشخاص المعنيين باستئناف أعمالهم والاندماج من جديد في
الدورة الاقتصادية.
.
أن إصدار الشيك بدون رصيد في السابق كان رهين عدم المس من حقوق المتضررين ويشترط خلاص أصل الشيك وثبوت خلاص مصاريف التتبع.
ومن المنتظر وفق ما أكده محدثنا أن يساهم هذا العفو في انتعاشة الإقتصاد التونسي باعتبار أن من سينتفع بالعفو ستتاح له الفرصة من جديد لإستئناف عمله التجاري كما ذكر الأستاذ صخري أن آلاف التونسيين الفارين إلى الخارج أو المختبئين عن أنظار العدالة سيتمكنون من الانخراط من جديد في سوق الشغل لا سيما وأن السجل العدلي سيصبح خال من الجرائم.
وفي سياق متصل أوضح محدثنا أن عديد المشاريع تعطلت والمحلات أغلقت خلال السنوات الماضية بعد أن أعلنت إفلاسها لعدم تمكنهما من خلاص ديونها أما اليوم، وفي ظل المتغيرات التي تشهدها الساحة الوطنية فإن استئناف النشاط وارد.
وفيما يتعلق بأسباب انتشار ظاهرة الشيكات بدون رصيد في المجتمع أن البنوك تتحمل جزء هاما من المسؤولية نظرا لتساهلها في إصدار دفاتر الصكوك. في المقابل شدد على ضرورة أن تتحرى البنوك جيدا حول طالبي الدفاتر ووضع شروط أخرى للحصول على ذلك.
كما أن العديد يعمدون إلى الحصول على دفاتر صكوك عن طريق إحداث شركات وهمية.
ولاحظ محدثنا أنّ جرائم الشيكات بدون رصيد تزايدت غداة الاحتجاجات الشعبية والاضطرابات الأمنية التي أطاحت بالرئيس السابق حيث تعرضت عدة محلات ومصانع وغيرها من الأنشطة التجارية إلى عمليات السرقة والنهب وهو جعل أصحابها يواجهون ضائقات مالية حادة حالت دون الالتزام والإيفاء بالتعهدات المالية.
أن إصدار الشيك بدون رصيد في السابق كان رهين عدم المس من حقوق المتضررين ويشترط خلاص أصل الشيك وثبوت خلاص مصاريف التتبع.
ومن المنتظر وفق ما أكده محدثنا أن يساهم هذا العفو في انتعاشة الإقتصاد التونسي باعتبار أن من سينتفع بالعفو ستتاح له الفرصة من جديد لإستئناف عمله التجاري كما ذكر الأستاذ صخري أن آلاف التونسيين الفارين إلى الخارج أو المختبئين عن أنظار العدالة سيتمكنون من الانخراط من جديد في سوق الشغل لا سيما وأن السجل العدلي سيصبح خال من الجرائم.
وفي سياق متصل أوضح محدثنا أن عديد المشاريع تعطلت والمحلات أغلقت خلال السنوات الماضية بعد أن أعلنت إفلاسها لعدم تمكنهما من خلاص ديونها أما اليوم، وفي ظل المتغيرات التي تشهدها الساحة الوطنية فإن استئناف النشاط وارد.
وفيما يتعلق بأسباب انتشار ظاهرة الشيكات بدون رصيد في المجتمع أن البنوك تتحمل جزء هاما من المسؤولية نظرا لتساهلها في إصدار دفاتر الصكوك. في المقابل شدد على ضرورة أن تتحرى البنوك جيدا حول طالبي الدفاتر ووضع شروط أخرى للحصول على ذلك.
كما أن العديد يعمدون إلى الحصول على دفاتر صكوك عن طريق إحداث شركات وهمية.
ولاحظ محدثنا أنّ جرائم الشيكات بدون رصيد تزايدت غداة الاحتجاجات الشعبية والاضطرابات الأمنية التي أطاحت بالرئيس السابق حيث تعرضت عدة محلات ومصانع وغيرها من الأنشطة التجارية إلى عمليات السرقة والنهب وهو جعل أصحابها يواجهون ضائقات مالية حادة حالت دون الالتزام والإيفاء بالتعهدات المالية.
و جاء مرسوم
العفو العام في جرائم الشيك دون رصيد أنّ هذا المرسوم تنسحب أحكامه على كل من أصدر
شيكا بدون رصيد أو اعترض على خلاصه في غير الصور القانونية أو حرّرت في شأنه شهادة
في عدم الخلاص قبل يوم 15 جانفي 2011 أو كان محلّ تتبع أو محاكمة قبل التاريخ
المذكور ولا يشترط للانتفاع بالعفو العام تقديم ما يفيد خلاص الأصل أو المصاريف.
لكن حقوق المستفيدين والبنوك تبقى قائمة وذلك بإمكانية الالتجاء إلى طرق التقاضي
المدنية. كما لا يمكن لأيّ ساحب شيك بدون رصيد أن يطالب باسترجاع ما دفعه من خطايا
أو مصاريف وذلك عملا بأحكام الفصل 376 من مجلة الإجراءات الجزائية.
وتبقى الغاية من هذا المرسوم دفع الحركة
الاقتصادية وتوفير الفرصة لتسوية وضعيات اقتصادية واجتماعية.
إرتكاب الجريمة
وآثارها
إن كانت ترتكب الجريمة بصفة عامة بمجرد ثبوت
أركانها القانونية فإن إرتكاب جريمة الشيك بدون رصيد له خاصيات في المجلة التجارية
وقت صدورها تغيرت في كلّ مرّة بالقانون المنقح لأحكامها والذي كان له تأثير على
طبيعة أركان الجريمة وشروط توفرها.
فبخصوص الآثار المترتبة على إرتكاب جريمة الشيك
بدون رصيد من المعلوم أنه يترتب على وقوع الجريمة بصفة عامّة دعوى عمومية تهدف إلى
تسليط عقاب مستقر ركنه الشرعي ودعوى
مدنية تهدف إلى جبر الضرر الحاصل من الجريمة لا غير فإن للدعوى العمومية وللدعوى المدنية وللعقاب
شروط في جريمة الشيك بدون رصيد. و جاء مرسوم
العفو العام يوم وم 15 جانفي 2011 الغاية من هذا المرسوم دفع الحركة الاقتصادية
وتوفير الفرصة لتسوية وضعيات اقتصادية واجتماعية
لـذا يتمّ التعرض الدعوى العمومية ـ أولا ـ
والدعوى المدنية ـ ثانيا ـ وللعقاب ـ ثالثا ـ عند إرتكاب جريمة الشيك بدون رصيد.
|
Commentaires
Enregistrer un commentaire