المطالبة بحق كتبة المحاكم في التواجد بالمجلس الاعلى للقضاء

قد تكون المطالبة بحق كتبة المحاكم في التواجد بالمجلس الاعلى للقضاء مستغربة في الوسط القانوني والقضائي التونسي. فقد يرى هؤلاء: "ما علاقة كاتب المحكمة بالمجلس الأعلى للقضاء الذي يضمّ أساسا القضاة، وخيرة القانونيين؟"

يكشف السؤال المفترض وقبله التجاهل الحاصل لكتبة المحاكم في الحديث عن المهن القضائية والقانونية التي يجب ان تكون ممثلة بالمجلس الاعلى للقضاء عن نظرة سائدة تحاول تهميش دور كتبة المحاكم في النظام القضائي وتكشف عن عدم دراية بأهمية دور كتبة المحاكم في النظام القضائي التي تجعلهم شركاء في اقامة العدل.

فكاتب المحكمة ينتمي إلى مؤسسة مهنيّة قضائيّة، ونظامه الخاص  يجعله مختلفا عن المهن القضائية الأخرى. فهو موظّف عدلي يعمل داخل المحكمة، وهو يلازم القاضي عند انتصابه للنّظر في القضايا، وهو من جهة جزء لا يتجزّأ من الهيئة القضائية الحكمية شأنه شأن القاضي والنيابة العمومية. وفي هذا السياق أكّدت محكمة التعقيب بدوائرها المجتمعة أنّ "حضور كاتب المحكمة جلسة الحكم إجراء جوهري وضمانة أساسية لكل الأطراف إذ أوكل إليه المشرع تحرير محضر فيما يدور بالجلسات من مرافعات والإشهاد على المحكمة وعلى مقرراتها بنفس المحضر"[1].
ومن جهة ثانية، فإنّ انتماءه للهيئة الحكمية القضائية لا يمسّ من استقلاليته عن أعضائها، فهو ليس "بكاتب القاضي" مثلما يتبادر إلى أذهان أغلب الناس، وإنّما هو كاتب المحكمة ينتمي إلى مؤسسة مهنية قضائية وينظّمه قانون أساسي خاص.

ويكون بذلك كاتب المحكمة عضوا في تركيبة المحكمة يشهد على أنّ عمل القاضي مطابق للحقيقة وللقانون. كما يتولى  كاتب المحكمة مهامّ أخرى لا تقلّ أهمية عن حضوره ضمن الهيئة الحكمية وتدخل ضمن العمل القضائي.

ويكون كاتب المحكمة في عمله قريبا من القاضي ومستقلّا عنه في الآن نفسه، يعمل جنبا إلى جنب معه بما يجعل منه شريكا أساسيا في اقامة العدل والمعني الاول بتنظيم العمل بالمحاكم وبتصورات اصلاح القضاء.

ويتبين مما سلف أن شرط الاستقلالية يتوفر في كتبة المحاكم وأنهم يتمتعون بموازاتها أكثر من غيرهم بصفة المتخصصين في العمل القضائي باعتبار مؤهلاتهم العلمية وخبرتهم العملية. وتكون تاليا المطالبة باسناد قطاعهم حقا في التمثيلية بالمجلس الاعلى للقضاء اكثر من مبررة خصوصا وان من صلاحيات المجلس الاعلى للقضاء ابداء الاقتراحات في التشريعات التي تهم القضاء والتي تعرض عليه وجوبا كما يقتضي ذلك الفصل 114 من الدستور التونسي. ويكون من المنطقي التصريح بان اي تشريع يمس القضاء في مفهومه الواسع يؤثر في عمل كتبة المحاكم بما يستدعي مشاركتهم في ابداء الرأي حوله.

يؤدي الاعتراف بحق كتبة المحكمة في عضوية المجلس الأعلى للقضاء الى تحقيق مكسبين هامين،  أوّلهما أنّ تركيبة مجلس القضاء العدلي تكون أكثر توازنا بوجود ممثّل عن أهمّ المهن القضائية وأقربها إلى ميدان القضاء والقضاة بما يسمح بتحقيق تصور شامل للقضاء صلب المجلس الاعلى للقضاء. وثانيهما ادبية واعتبارية ذات اهمية خاصة اذ تؤدي العضويّة متى تحققت لاعادة الاعتبار لكتبة المحاكم في النظام القضائي وتقطع مع التصورات التي تحاول تهميش كتبة المحاكم. ومن شأن الاعتراف بهذه الأحقية أن يؤشّر الى ثورية المجلس الاعلى للقضاء التونسي وأن يرسي خطوة اولى في اتجاه اصلاح جذري بين مكونات المشهد القضائي. 











Commentaires

Posts les plus consultés de ce blog

تقـرير ختم التربص كاتب محكمة

تعريف كاتب المحكمة ، كاتب ضبط ، أمين ضبط ، محرر قضائي ،معاون قضائي

جمعية الصداقة كتبة المحاكم التونسيين / Association D’amitié Pour Des Greffiers De Justice / Rechtspfleger